فصل: الباب التاسع في الشهادة على النفي والبينات يدفع بعضها بعضا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الباب التاسع في الشهادة على النفي والبينات يدفع بعضها بعضا:

شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِقَوْلٍ، أَوْ بِفِعْلٍ يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ إجَارَةٌ، أَوْ كِتَابَةٌ، أَوْ بَيْعٌ، أَوْ قِصَاصٌ، أَوْ مَالٌ، أَوْ طَلَاقٌ، أَوْ عَتَاقٌ فِي مَوْضِعٍ وَصَفَاهُ، أَوْ فِي يَوْمٍ سَمَّيَاهُ فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ لَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَفَاهُ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَكَانِ كَذَا ذَكَرَا مَكَانًا آخَرَ سِوَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَوَّلَانِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقُلْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُقِرَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى حَقٍّ فَقُضِيَ لَهُ بِهِ فَيَقُولُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: أَنَا أُقِيمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لِي فَهَذَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
كُلُّ بَيِّنَتَيْنِ لَوْ اجْتَمَعَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ سَقَطَتَا لِوُجُودِ الْكَذِبِ فِي إحْدَاهُمَا، فَإِذَا بَدَأَ الْحَاكِمُ بِإِحْدَاهُمَا يَتَعَيَّنُ الْكَذِبُ فِي الْأُخْرَى.
مِثَالُهُ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَ عَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَيْنَبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِمَكَّةَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَتْ الْأُخْرَى لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْأَيَّامِ مِقْدَارُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالطَّلَاقِ بِالْوَقْتِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اسْتَقَامَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَكَانَيْنِ جَمِيعًا بِأَسْرَعَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ السَّيْرِ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ جَمِيعًا وَإِلَّا بَطَلَ الْوَقْتُ الثَّانِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهَا، ثُمَّ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخُرَاسَانَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِكُوفَةَ وَاجْتَمَعُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَقَضَى بِهَا، ثُمَّ حَضَرَتْ الْأُخْرَى لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ جَرَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ هَذَا الْجُرْحَ وَقَضَيْتُ بِذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجِرَاحَةُ عَلَى أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ جَرَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِكُوفَةَ لَمْ أَقْبَلْ بَيِّنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَيْت بِالْأُولَى حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَالدَّعْوَيَانِ أُبْطِلُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي النَّوَادِرِ لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا قَتَلَ أَبِي يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَأَقَامَ ابْنٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِكُوفَةَ قُبِلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَيُحْكَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ اثْنَيْنِ وَالْقَاتِلُ وَاحِدًا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ لَوْ أَقَامَ الِابْنُ الْأَكْبَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الِابْنَ الْأَوْسَطَ قَتَلَ أَبَاهُ وَالْأَوْسَطُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَصْغَرَ قَتَلَ أَبَاهُ وَالْأَصْغَرُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَكْبَرِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فَهَذِهِ الْبَيِّنَاتُ مَقْبُولَةٌ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ أَبُوهُ يَوْمَ كَذَا وَوَرِثَهَا عَنْهُ الْمُدَّعِي لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ كَذَا لِيَوْمٍ بَعْدَ الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَ الِابْنُ مَوْتَهُ فِيهِ وَوُلِدَ لَهُ هَذَا الْوَلَدُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَالْمَهْرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الِابْنِ أَوْ لَمْ يَقْضِ فَإِنْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الْأُولَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا أَيْضًا.
وَلَوْ أَنَّ الْوَارِثَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ كَذَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا لِأَنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ صَارَ مَقْضِيًّا بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ الِابْنَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلَادُهُ مِنْهَا وَهُمْ وَرَثَتُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ اسْتِحْسَانًا، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ وَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ إنَّمَا اُسْتُحْسِنَ فِي النَّسَبِ خَاصَّةً، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْأَصْلِ إذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ رَأَوْا أَبَاهُ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَأَقْرَضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَنَّهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقْرَضَ فُلَانًا أَبَاهُ أَمْسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ رَجُلَيْنِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَأَقَامَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ الْيَوْمَ حَاجًّا بِمِنًى فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ الْعَامَّةُ وَتَشْهَدُ بِذَلِكَ فَيُؤْخَذُ بِشَهَادَتِهِمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَامَ أَوَّلٍ عَمْدًا وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ أَمْسِ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُقْضَى بِالْقَوَدِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ الْأَحْدَثُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى عَلَى هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَنَّهُمْ زُنَاةٌ فَهَذَا بَاطِلٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِشَهَادَةِ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ لَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ أَيَّتُكُمَا أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَهِيَ طَالِقٌ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذِهِ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْأُخْرَى أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ قُضِيَ بِشَهَادَةِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ رَدَّ الْقَاضِي الشُّهُودَ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِمَا شَهِدُوا بِهِ وَأَعَادُوا شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، فَإِنْ جَاءَتْ الْأُخْرَى بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَأَنْت حُرٌّ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي أَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَمْ لَا، وَقَالَ الْعَبْدُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لَا بَلْ بَرِئَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الْعَبْدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْتُ فَفُلَانٌ الْآخَرُ حُرٌّ، فَقَالَ الْعَبْدُ الَّذِي قَالَ لَهُ إنَّ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ مَاتَ مِنْهُ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَرِئَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ الْآخَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، فَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ الَّذِي قَالَ لَهُ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَى الْعَبْدَيْنِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً، فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا أَخَذْتُ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَى مَوْتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْآخَرِ، فَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ عِتْقِ الْآخَرِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ مَجَّانًا وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدَيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فُلَانًا إنْ قُتِلَ، وَأَنَّهُ قُتِلَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مَاتَ مَوْتًا فَإِنِّي أُجِيزُ الْعِتْقَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَادِثٌ فِي مَرَضِهِ، أَوْ سَفَرِهِ هَذَا، وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، أَوْ الْمَرَضِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ وَمَاتَ فِي أَهْلِهِ فَإِنِّي أُجِيزُ شَهَادَةَ شُهُودِ الْعِتْقِ، وَإِنْ شَهِدَ هَذَانِ الْآخَرَانِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ رَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَمُتُّ فِي أَهْلِي فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَأَنَّهُ رَجَعَ فَمَاتَ فِي أَهْلِهِ وَجَاءُوا جَمِيعًا إلَى الْقَاضِي فَإِنِّي لَا أُجِيزُ شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى الرُّجُوعِ وَأُجِيزُ شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ مَاتَ فِي سَفَرِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعِتْقِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا.
إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِالرَّقَّةِ وَأَقَامَ عَبْدُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمِنًى وَجَاءَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا وَالرَّجُلُ يَجْحَدُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَالْبَيِّنَتَانِ بَاطِلَتَانِ، فَإِنْ صَدَّقَ الرَّجُلُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَجَحَدَ الْأُخْرَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ شُهُودَ الْمُدَّعِي مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ حَدَّهُمْ قَاضِي بَلَدِ كَذَا فُلَانٌ فِي وَقْتِ كَذَا وَذَكَرُوا وَقْتًا كَانَ فُلَانٌ قَاضِيًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنَّهُ مَا أَجْرَى حَدَّ الْقَذْفِ، وَلَمْ تُوَقِّتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ، وَلَا يَمْتَنِعُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ بِسَبَبِ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْقَذْفِ قَدْ وَقَّتُوا وَقْتًا بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّ قَاضِيَ كَذَا حَدَّهُ فِي الْقَذْفِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مَثَلًا فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فِي أَرْضِ كَذَا سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْقَاضِي قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِيهِ، أَوْ كَوْنُ الْقَاضِي غَائِبًا فِي أَرْضِ كَذَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِيهِ مُسْتَفِيضًا ظَاهِرًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ عَلِمَهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَعَالِمٍ وَجَاهِلٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِكَوْنِ الشَّاهِدِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ وَيَقْضِي عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَعَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتَخْرَجْنَا جَوَابَ مَسْأَلَةٍ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى.
(صُورَتُهَا): رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَيْكَ مِائَةُ دِينَارٍ، وَقَدْ مَاتَ أَبِي قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا وَصَارَتْ الْمِائَةُ الدِّينَارِ مِيرَاثًا لِي بِمَوْتِهِ لِمَا أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَانَ لِأَبِيكَ عَلَيَّ مِائَةُ.
دِينَارٍ كَمَا ادَّعَيْتَ إلَّا أَنِّي أَدَّيْتُ مِنْهَا ثَمَانِينَ دِينَارًا إلَى أَبِيكَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَبُوكَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِقَبْضِ مَا ادَّعَيْتُ بِبَلَدِهِ سَمَرْقَنْدَ فِي بَيْتِي فِي يَوْمِ كَذَا، فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ مُخَاطَبًا لِي (آن صد دِينَار كه مرا ازتومي بايست هشتاد دِينَار قبض كرده أُمّ ازتو ومر ابر توجز بيست دِينَار نما نده است) وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاكَ إقْرَارَ أَبِي بِقَبْضِ ثَمَانِينَ دِينَارًا مِنْكَ لِمَا أَنَّ أَبِي كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلْدَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ادَّعَيْت إقْرَارَهُ فِيهِ وَكَانَ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً هَلْ تَنْدَفِعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي؟ فَقِيلَ: لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْبَةُ أَبِي الْمُدَّعِي عَنْ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ بِسَمَرْقَنْدَ وَكَوْنُهُ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ ظَاهِرًا مُسْتَفِيضًا يَعْرِفُهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَكُلُّ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ فَحِينَئِذٍ الْقَاضِي يَدْفَعُ بِبَيِّنَتِهِ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ذَكَرَ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْحَجِّ مِنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ، فَقَالَ: حَجَجْتُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ ضَحَّى الْعَامَ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَعْتِقُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوْجَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ وَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا تُقْبَلُ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، ثُمَّ ضَرَبَهَا، وَقَالَ: ضَرَبْتُهَا بِجِنَايَةٍ، وَقَدْ أَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ مِنْهَا بَيِّنَتُهَا، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِكَوْنِهَا قَائِمَةً عَلَى الشَّرْطِ.
حَلَفَ إنْ لَمْ تَجِئْنِي صِهْرَتِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ، أَوْ لَمْ أُكَلِّمْهَا فِي كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَلَفَ بِكَذَا، وَلَمْ تَجِئْهُ صِهْرَتُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، أَوْ لَمْ يُكَلِّمْهَا فِي ذَلِكَ، وَقَدْ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْيَمِينِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَاسْتَثْنَى فِي إسْلَامِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي إيمَانِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى إثْبَاتِ الْإِسْلَامِ.
حُكِيَ أَنَّ مَشَايِخَ بُخَارَى سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى أَنَّ أَرْضَهُ لَيْسَتْ بِخَرَاجِيَّةٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ أَرْضَ هَذَا حُرَّةٌ فَأَجَابَ أَكْثَرُهُمْ بِقَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُمْ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ نَفْيُ الْخَرَاجِ فَرَجَعُوا إلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَأَتَتْ بِالدَّفْعِ أَنِّي مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: (اكر فُلَان روز بكذ رِدّ وَآن قماشات بنزديك تونيارم) فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْقُمَاشَاتِ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَتْ عَنْهَا خُصُومَةُ الزَّوْجِ.
رَبُّ السَّلَمِ يَدَّعِي السَّلَمَ الصَّحِيحَ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ يَقُولُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
ادَّعَى النِّتَاجَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ، وَقَدْ نَتَجَ عَلَى مِلْكِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ قِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: تُقْبَلُ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
إذَا شَرَطَ عَلَى الظِّئْرِ الْإِرْضَاعَ بِنَفْسِهَا فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ الشَّاةِ فَلَا أَجْرَ لَهَا فَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ مَا أَرْضَعْته بِلَبَنِ الْبَهَائِمِ، وَإِنَّمَا أَرْضَعْته بِلَبَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَهْلِ الصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَوْا فَلَا أَجْرَ لَهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّهَا أَرْضَعْتُهُ بِلَبَنِ الشَّاةِ وَمَا أَرْضَعْتُهُ بِلَبَنِ نَفْسِهَا، أَمَّا لَوْ اكْتَفَوْا بِقَوْلِهِمْ مَا أَرْضَعْته بِلَبَنِ نَفْسِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الظِّئْرِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ: قَوْلُ النَّصَارَى فَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَالرَّجُلُ يَقُولُ وَصَلْتُ بِقَوْلِي قَوْلُ النَّصَارَى تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ، وَلَوْ قَالَا: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَمَرَ صَبِيًّا لِيَضْرِبَ حِمَارَهُ وَيُخْرِجَهُ عَنْ كَرْمِهِ فَضَرَبَهُ الصَّبِيُّ حَتَّى مَاتَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ الْحِمَارَ حَيٌّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الباب العاشر في شهادة أهل الكفر:

لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا عُدُولًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْمُسْتَأْمَنِينَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَشَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ تُقْبَلُ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ كَالرُّومِ وَالتُّرْكِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
أَمَّا شَهَادَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا، فَقَالَ: بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ عَلَى مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ بِحَقٍّ، أَوْ عَلَى قَضَاءِ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ مُسْلِمَانِ عَلَى شَهَادَةِ كَافِرٍ جَازَتْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
كَافِرٌ فِي يَدِهِ أَمَةٌ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ أَنَّهَا لِكَافِرٍ، أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ هِبَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: أَقْضِي بِهَا عَلَى الْكَافِرِ خَاصَّةً، وَلَا أَقْضِي بِهَا عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَالْمَبْسُوطِ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِمِّيَّيْنِ عَلَى ذِمِّيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَهُوَ يَجْحَدُ يُجْبِرُهُ الْإِمَامُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَحْبِسُهُ، وَلَا يَقْتُلُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
ذِمِّيٌّ مَاتَ فَشَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ فُسَّاقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْمَيِّتِ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ وَبَقِيَّةُ أَوْلِيَائِهِ كُفَّارٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِيرَاثَهُ وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِذَلِكَ يَأْخُذُ الْوَلِيُّ الْمُسْلِمُ مِيرَاثَهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْوَلِيِّ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى إسْلَامِهِ غَيْرُ الْوَلِيِّ الْمُسْلِمِ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْمِيرَاثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ: فِي الْمُنْتَقَى إذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَتِهِ مَعَ رَجُلٍ أَنَّهَا ارْتَدَّتْ- وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ- وَهِيَ تَجْحَدُ وَتُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا وَجَعَلْت عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَأَجْعَلُ جُحُودَهَا الرِّدَّةَ وَإِقْرَارَهَا بِالْإِسْلَامِ تَوْبَةً، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى أَنَّهَا أَسْلَمَتْ وَهِيَ تَجْحَدُ وَأَصْلُ دِينِهَا كَانَ هُوَ النَّصْرَانِيَّةَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَجْعَلُ جُحُودَهَا وَثَبَاتَهَا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ رِدَّةً، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَوَى عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَاتَ فَشَهِدَ مُسْلِمٌ عَدْلٌ، أَوْ مُسْلِمَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ذَلِكَ فَمِيرَاثُهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِحَالِهِ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغَسِّلُوهُ وَيُكَفِّنُوهُ وَيُصَلُّوا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَلَهُ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ فَأَقَامَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَأَقَامَ النَّصْرَانِيُّ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا يُقْضَى بِالْإِرْثِ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَا لَوْ أَقَامَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيَّيْنِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ بِقَوْلِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا لَا بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّينَ، وَلَوْ قَالَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ أَبِي قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنَا وَارِثُهُ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ أَبِي لَمْ يُسْلِمْ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ فِي الْمِيرَاثِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فَلَوْ لَمْ يُقِمْ الِابْنُ الْمُسْلِمُ بَيِّنَةً عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ حَتَّى ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا فَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى يُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ الْمُسْلِمَ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُسْلِمًا لَمْ أُبْطِلْ دَيْنَهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَمْ أَرُدَّ الْقَضَاءَ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا رَدَدْت الْقَضَاءَ وَأَنْفَذْتُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ مَالًا وَأَقَامَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ شَهَادَةً مِنْ النَّصَارَى عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَأَرَادَ أَخْذَ إخْوَتِهِ الصِّغَارِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الْحُكْمُ لَا يُخَصُّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ.
شَهِدَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى إسْلَامِ مَيِّتٍ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِأَجْلِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ.
قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قُلْت لِمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْغَرِيمِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَضَيْتُ بِشَهَادَتِهِمْ بِحَضْرَةِ الِابْنِ النَّصْرَانِيِّ، ثُمَّ جَاءَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ بِبَيِّنَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْأَبَ مَاتَ مُسْلِمًا قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هُوَ الْوَارِثُ فِيمَا كَانَ لِلنَّصْرَانِيِّ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا يُقْضَى عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قُلْتُ لِمُحَمَّدِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ وَالِابْنُ الْمُسْلِمُ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ قَالَ: فَإِذَا جَاءُوا مَعًا فَالْخَصْمُ هُوَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُ تَثْبُتُ وِرَاثَتُهُ بِمَا أَقَامَ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ مُسْلِمًا فَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَرِيمُ بِهَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ أَبِي مُسْلِمًا وَأَنَا أَيْضًا، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَأَنَا أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُتَّفَقِ عَلَى إسْلَامِهِ فِي حَالِ حَيَاةِ أَبِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ قَالَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ لَمْ يَزَلْ أَبِي كَانَ مُسْلِمًا، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ لَمْ يَزَلْ أَبِي كَانَ نَصْرَانِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شَرْحِ كِتَابِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ فَقِيهًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِفَ الْإِسْلَامَ، وَإِذَا كَانَ جَاهِلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَصِفْ الْإِسْلَامَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
مُسْلِمَةٌ قَالَتْ كَانَ زَوْجِي مُسْلِمًا، وَقَالَ أَوْلَادُهُ الْكُفَّارُ لَا بَلْ كَانَ كَافِرًا وَلِلْمُسْلِمِ أَخٌ مُسْلِمٌ يُصَدِّقُ الْمَرْأَةَ فَالْمِيرَاثُ لِلْأَخِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا كَافِرًا وَابْنَةً مُسْلِمَةً، فَقَالَتْ الِابْنَةُ مَاتَ أَبِي مُسْلِمًا وَصَدَّقَهَا الْأَخُ، وَقَالَ الِابْنُ كَانَ أَبِي كَافِرًا فَالْقَوْلُ لِلْبِنْتِ.
وَلَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَلَكِنْ أَخٌ وَابْنٌ وَالْأَخُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ دُونَ الِابْنِ فَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ.
بِنْتٌ وَأَخٌ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ مَعَ الِابْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ دَارًا، فَقَالَ ابْنُ الْمَيِّتِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ مَاتَ أَبِي، وَهُوَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِي وَجَاءَ أَخُو الْمَيِّتِ، وَهُوَ ذِمِّيٌّ، فَقَالَ: مَاتَ أَخِي، وَهُوَ كَافِرٌ عَلَى دِينِي وَابْنُهُ هَذَا مُسْلِمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ وَلَهُ الْمِيرَاثُ، وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا عَلَى مَقَالَتِهِمَا بَيِّنَةً أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَقَامَ الْأَخُ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا قَالَ وَلَمْ يُقِمْ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ لَمْ أُجِزْ بَيِّنَةَ الْأَخِ، فَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْأَخُ مُسْلِمَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ كُفْرِ الْمَيِّتِ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْأَخِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالذَّخِيرَةِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ نَصْرَانِيٌّ بَيِّنَةً نَصْرَانِيَّةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنِّي أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى النَّسَبِ وَأَجْعَلُهُ شَرِيكَ ابْنِهِ النَّصْرَانِيِّ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا يُشَارِكُ ابْنَهُ الْمُسْلِمَ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، ثُمَّ جَاءَ نَصْرَانِيٌّ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى فَإِنِّي أَقْضِي بِنَسَبِهِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَا أُعْطِيهِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ الِابْنِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَرَّثْتُ أَخَاهُ، يُرِيدُ بِهِ أَنَّ بَعْدَمَا مَاتَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ فَمِيرَاثُ الْمَيِّتِ الذِّمِّيِّ لِلِابْنِ الذِّمِّيِّ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ إنَّمَا لَا يَكُونُ لِلِابْنِ الذِّمِّيِّ حَقُّ الْمُزَاحَمَةِ مَعَ الِابْنِ الْمُسْلِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ الِابْنِ الذِّمِّيِّ، أَمَّا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ كَانَتْ لَهُ مُزَاحَمَةُ الِابْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
نَصْرَانِيٌّ مَاتَ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَلِي الْمِيرَاثُ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ قَبْلَهُ، وَلَا مِيرَاثَ لَكِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ، وَهِيَ مُسْلِمَةٌ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، فَقَالَتْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
ادَّعَى خَارِجَانِ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ دَارًا فِي يَدِ ذِمِّيٍّ وَادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَبَرْهَنَا قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِهَا لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُفَّارًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُحِيطَيْنِ.
كُلُّ شَهَادَةٍ شَهِدَ بِهَا ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ فَلَمْ يُنَفِّذْ الْحَاكِمُ الشَّهَادَةَ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَتَّى أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَبْطُلُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ مَاضٍ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ بِالْحُقُوقِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُنَفِّذَ الْقَاضِي وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُنَفِّذُ، وَأَمَّا فِي السَّرِقَةِ إذَا أَسْلَمَ السَّارِقُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْقَطْعِ فَالْقَاضِي يُضَمِّنُهُ الْمَالَ وَيَدْرَأُ عَنْهُ الْقَطْعَ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُجَدِّدَا الشَّهَادَةَ لَمْ يَقْضِ بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ جَدَّدَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَعْدَ إسْلَامِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَضَى بِهَا فِي الْأَمْوَالِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَلَمْ يَقْضِ بِهَا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى- هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
لَوْ شَهِدَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَرْبَعَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا حُدَّ الرَّجُلُ، وَإِنْ قَالُوا طَاوَعَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيُعَزَّرُ الشُّهُودُ لِحَقِّ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي نَصْرَانِيَّيْنِ شَهِدَا عَلَى مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ أَنَّهُمَا قَتَلَا مُسْلِمًا عَمْدًا قَالَ: لَا أُجَوِّزُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَدْرَأُ عَنْ النَّصْرَانِيِّ الْقَتْلَ وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ سَمِعْت مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ فِي مُسْلِمٍ قَطَعَ يَدَ نَصْرَانِيٍّ عَمْدًا وَزَعَمَ الْقَاطِعُ أَنَّهُ عَبْدٌ لِنَصْرَانِيٍّ وَادَّعَى الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَنَّهُ حُرٌّ فَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ مُنْذُ سَنَةٍ قَالَ: أَجْعَلُهُ حُرًّا وَأَقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَا أَقْتَصُّ مِنْ الْقَاطِعِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ قَوْلَهُمَا لَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى قَبُولَ الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ، وَلَمْ تُوجَدْ هُنَا دَعْوَى الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ: لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ: إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتَهُ فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ- إنِّي أُطَلِّقُ امْرَأَةَ النَّصْرَانِيِّ، وَلَا أُعْتِقُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُسْلِمٌ قَالَ: إنْ دَخَلَ عَبْدِي هَذِهِ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلَ الْعَبْدُ الدَّارَ، ثُمَّ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ نَصْرَانِيًّا فَشَهَادَتُهُمَا عَلَى طَلَاقِ النَّصْرَانِيِّ جَائِزَةٌ، وَعَلَى الْعِتْقِ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
نَصْرَانِيٌّ فِي يَدِهِ طَيْلَسَانٌ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَقَرَّ بِالطَّيْلَسَانِ لَهُ قَالَ: إنِّي أَقْضِي بِهِ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
نَصْرَانِيٌّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى امْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتِ، كَذَا فَقَضَيْتُ بِهَا لَهُ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُسْلِمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقْضِي بِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقْضِي بِهَا لَهُ فَلَوْ أَقَامَا مَعًا قَضَى لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقْضِي لِلنَّصْرَانِيِّ.
نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيٍّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِنَصْرَانِيٍّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيٍّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- بُدِئَ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ ذَلِكَ لِلنَّصْرَانِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ النَّصْرَانِيُّ حَيًّا وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ وَأَقَامَ كُلٌّ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّيْنِ بِدَيْنِ مِائَةٍ عَلَيْهِ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ ذِمِّيَّيْنِ بِمِائَةٍ فَثُلُثًا الْمِائَةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَثُلُثُهَا لِلشَّرِيكَيْنِ، وَلَوْ أَقَامَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّيْنِ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ ذِمِّيَّيْنِ فَالْمِائَةُ الْمَتْرُوكَةُ بَيْنَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الشَّرِيكَانِ مُسْلِمَيْنِ وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ الْمُنْفَرِدُ ذِمِّيَّيْنِ قَسَّمَ أَثْلَاثًا، وَلَوْ أَقَامَ الذِّمِّيُّ الْمُنْفَرِدُ مُسْلِمَيْنِ وَالشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ مُسْلِمَيْنِ فَنِصْفُ الْمِائَةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالنِّصْفُ لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِذَلِكَ فِي نَصِيبِ الْكَافِرِ، وَلَا يُدْخِلُ الِابْنَ النَّصْرَانِيَّ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- نَصْرَانِيٌّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَمْلُوكًا فَأَسْلَمَ الْمَمْلُوكُ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ: أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا جَمِيعًا فَأُعْتِقُهُ وَيَسْعَى الْغُلَامُ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي كِتَابِ الرَّهْنِ ذِمِّيٌّ مَاتَ فَادَّعَى ذِمِّيٌّ بَعْضَ مَتَاعِهِ رَهْنًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَيْهِ دَيْنًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنِّي آخُذُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ فَأَبْدَأُ بِدَيْنِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُسْلِمُ مَالَهُ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلذِّمِّيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُسْلِمُ دَيْنَهُ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ وَشُهُودُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيِّينَ، أَوْ مُسْلِمِينَ كَانَ الذِّمِّيُّ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ مَالًا وَادَّعَى كَفَالَةَ مُسْلِمٍ بِذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْكُفَّارِ ثَبَتَ الْمَالُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَصِيلِ دُونَ الْكَفِيلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الْمَالِ عَلَى كَافِرٍ فَشَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ أَنَّهُمَا كَفَلَا عَنْهُ بِهَذَا الْمَالِ وَبَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَعَلَى الْكَفِيلِ الْكَافِرِ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى الْكَفِيلِ الْمُسْلِمِ.
وَإِذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَالًا وَجَحَدَهُ الْمَطْلُوبُ وَادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْهُ بِالْمَالِ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَهُ الْكَفِيلُ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ذِمِّيَّانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْكَفِيلِ، وَلَمْ تَجُزْ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا أَدَّى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِمَا فِي الصَّكِّ وَالْمُسْلِمُ فِي صَدْرِ الصَّكِّ وَالذِّمِّيُّ كَفِيلٌ بَعْدَهُ، أَوْ كَانَ الصَّكُّ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا كَفَلَ لِكَافِرٍ عَنْ كَافِرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْكَافِرُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ لَمْ آمُرْهُ أَنْ يَضْمَنَ عَنِّي فَجَاءَ الْمُسْلِمُ بِشَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ بِالضَّمَانِ وَأَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَالَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَفَلَ مُسْلِمٌ بِنَفْسِ ذِمِّيٍّ، أَوْ بِمَالٍ عَلَيْهِ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَإِنْ جَحَدَ الْمُسْلِمُ الْكَفَالَةَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ وَشَهِدَ شُهُودٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
تَجُوزُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْكَافِرِ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ النَّصْرَانِيِّ لِلْمُسْلِمِ أَنَّهُ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ، أَوْ فَرَسَهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ وَتَجُوزُ عَلَى قَتْلِ الْفَرَسِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْمَالِ فِي الْخَطَأِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ مُسْلِمًا وَمَوْلَاهُ كَافِرًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ أَنَّ كَافِرًا وَكَّلَ مُسْلِمًا بِشِرَاءٍ، أَوْ بَيْعٍ لَمْ أُجِزْ عَلَى الْوَكِيلِ الشُّهُودَ إلَّا مُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَكَّلَ كَافِرًا بِذَلِكَ أَجَزْتُ عَلَى الْوَكِيلِ الشُّهُودَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ مَاتَ الْكَافِرُ وَأَوْصَى إلَى مُسْلِمٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَأَقَامَ شُهُودًا مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْجَامِعِ مُسْلِمٌ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا النَّصْرَانِيَّ مَاتَ وَأَوْصَى إلَيْهِ وَأَقَامَ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى، فَإِنْ أَحْضَرَ غَرِيمًا نَصْرَانِيًّا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَيَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ.
وَأَمَّا إذَا أَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوَّلًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ.
.
وَكَذَا لَوْ أَقَامَ النَّصْرَانِيُّ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى أَنَّ فُلَانًا مَاتَ، وَأَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَحْضَرَ غَرِيمًا لِلْمَيِّتِ كَافِرًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ أَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا ادَّعَى وَكَالَةً مِنْ النَّصْرَانِيِّ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَأَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا وَأَقَامَ عَلَيْهِ شُهُودًا نَصْرَانِيِّينَ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ أَحْضَرَ نَصْرَانِيًّا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَقَضَى لَهُ بِالْوَكَالَةِ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَجْحَدُ وَكَالَتَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُ الْقَاضِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُسْلِمٌ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَاسْتَحَقَّهُ نَصْرَانِيٌّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيَّيْنِ لَا يَقْضِي لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى لَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي نَصْرَانِيٍّ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَمَا قَبَضَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ النَّصْرَانِيِّ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُسْلِمِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ بَاعَهُ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ نَصْرَانِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ عَشْرُ أَيْدٍ مِنْ الْبَاعَةِ كُلُّهُمْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى قَالَ زُفَرُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوَّلُهُمْ، أَوْ آخِرُهُمْ، أَوْ أَوْسَطُهُمْ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخِرُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَسْلَمَ قُضِيَ بِعِتْقِهِ وَتَرَادُّوا الثَّمَنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُؤْخَذُ بِرَدِّ الثَّمَنِ، وَلَا مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْبَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ كَانَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ أَعْتَقَهُ، وَقَدْ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ وَالشُّهُودُ نَصَارَى لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَوْسَطُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لَا عَلَى عِتْقِ الْأَوْسَطِ، وَلَا عَلَى عِتْقِ مَنْ بَعْدَهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى عِتْقِ مَنْ قَبْلَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيُّ الْبَاعَةِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ الَّذِي قَبْلَ الْمُسْلِمِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ سَوَاءٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقُضِيَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا تُقْبَلُ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى غَيْرِهِ يُرَاجَعُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَنْ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَيَتَرَادُّونَ الثَّمَنَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.